فصل: باب قوله صلى الله عليه وسلم: أنا مبلغ والله يهدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد **


 باب فيمن أخبر بنبوته صلى الله عليه وسلم

13906- عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ إن أول خبر قدم علينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن امرأة كان لها تابع‏.‏ قال‏:‏ فأتاها في صورة طير فوقع على جذع لهم‏.‏ قال‏:‏ فقالت‏:‏ ألا تنزل لتخبرنا ونخبرك‏؟‏ قال‏:‏ إنه قد خرج بمكة رجل حرم علينا الزنا ومنع منا القرار‏.‏

رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا‏.‏

13907- وعن مجاهد قال‏:‏ حدثني شيخ أدرك الجاهلية ونحن في غزوة رودس يقال له‏:‏ ابن عبس قال‏:‏

كنت أسوق لآل لنا بقرة، فسمعت من جوفها‏:‏ يا آل ذريح، قول فصيح رجل نصيح أن لا إله إلا الله قال‏:‏ فقدمنا مكة فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة‏.‏

رواه أحمد ورجاله ثقات‏.‏

13908- وعن جبير بن مطعم قال‏:‏ كنا حول صنم لنا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم بشهر وقد نحرنا جزوراً، إذ صاح صائح من جوفه‏:‏ اسمعوا العجب، ذهب الشرك والرجز ورمي بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد ومهاجره إلى يثرب‏.‏

رواه البزار، عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف‏.‏

13909- وعن عمرو بن مرة الجهني قال‏:‏ خرجت حاجاً في جماعة من قومي في الجاهلية، فرأيت في المنام وأنا

بمكة نوراً ساطعاً من الكعبة حتى وصل إلى جبال يثرب أشعر جهينة، فسمعت صوتاً في النور وهو يقول‏:‏

انقشعت الظلمـاء

وسـطع الضيـاء

وبُعث خاتم الأنبياء

ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن فسمعت صوتاً في النور وهو يقول‏:‏

ظهـر الإسـلام

وكسرت الأصنام

ووصلت الأرحام

فانتبهت فزعاً وقلت لقومي‏:‏ والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث‏.‏ وأخبرتهم بما رأيت فلما انتهينا إلى بلادنا جاءنا أن رجلاً يقال له‏:‏ أحمد قد بُعث فأتيته فأخبرته ما رأيت فقال‏:‏

‏"‏يا عمرو بن مرة، أنا النبي المرسل إلى العباد كافة، أدعوهم إلى الإسلام، وآمرهم بحقن الدماء، وصلة الأرحام، وعبادة الله ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان من اثنى عشر شهراً، فمن أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار، فآمن بالله يا عمرو يؤمنك الله من هول جهنم‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ أشهد أن لا آله إلا الله وأنك رسول الله، وآمنت بكل ما جئت به بحلال وحرام، وأن أرغم ذلك كثيراً من الأقوام‏.‏ ثم أنشدته أبياتاً، قلتها حين سمعت به وكان لنا صنم، وكان أبي سادناً له فقمت إليه فكسرته ثم لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول‏:‏

شـهدت بأنَّ اللهَ حـق وإنني * لآلهـة الأحجـارِ أولَ تـارك

وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا * إليك أجوب الفوز بعد الدكادك

لأصحب خير الناس نفسا ووالدا * رسول مليك الناس فوق الحبائك

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مرحبا بك يا عمرو بن مرة‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ابعثني إلى قومي لعل الله أن يمنّ بي عليهم كما منّ بك علي‏.‏ فبعثني عليهم فقال‏:‏ ‏"‏عليك بالرفق والقول السديد، ولا تكن فظاً ولا متكبراً ولا حسوداً‏"‏‏.‏ فأتيت قومي فقلت‏:‏ يا بني رفاعة، يا معاشر جهينة، إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار، وآمركم بحقن الدماء وصلة الأرحام، وعبادة الله ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهراً، فمن أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار‏.‏ يا معشر جهينة، إن الله عز وجل جعلكم خيار من أنتم منه، وبغض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم - من أنهم كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل منهم على امرأة أبيه، والغزاة في الشهر

الحرام - فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب، تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة، وسارعوا في ذلك يكن لكم فضيلة عند الله‏.‏ فأجابوه إلا رجلاً واحداً قال‏:‏ يا عمرو بن مرة - أمرّ الله عليك - تأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفرق جماعتنا ونخالف دين آبائنا إلى ما يدعو إليه هذا القرشي من أهل تهامة‏؟‏ لا، ولا حباً ولا كرامة‏.‏ ثم أنشأ الخبيث يقول‏:‏

إن ابنَ مرةَ قد أتى بمقـالة * ليست مقالةَ من يريد صلاحا

إني لأحسبُ قولـه وفعـاله * يوما وإن طال الزمـان رياحا

أيسفه الأشياخ ممن قد مضى * من رام ذاك فلا أصاب فلاحا

فقال عمرو بن مرة‏:‏ الكاذب مني ومنك أمرّ الله فمه وأبكم لسانه وأكمه عينيه وأسقط أسنانه‏.‏ قال عمرو بن مرة‏:‏ فوالله ما مات حتى سقط فوه، وكان لا يجد طعم الطعام، وعمي وخرس، فخرج عمرو بن مرة ومن تبعه من قومه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فرحب بهم وحباهم وكتب لهم كتاباً هذه نسخته‏:‏

‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله جل وعز على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتاب صادق وحق ناطق لعمرو بن مرة الجهني لجهينة بن زيدان، لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها، ترعون نباته وتشربون صافية على أن تقروا بالخمس، وتصلوا صلاة الخمس، وفي التيعة والصريمة شاتان إذا اجتمعتا، وإن تفرقتا فشاة شاة، ليس على أهل المثيرة صدقة‏"‏‏.‏

وشهد على نبينا ومن حضرنا من المسلمين بكتاب قيس بن شماس، فذلك حين يقول عمرو بن مرة الجهني‏:‏

ألـم تـرَ أنَّ اللـهَ أظهـرَ دينـه * وبين برهـان القـرآن لعـامـر

كتـاب من الـرحمنِ يجعلنـا معـا * وأخلافنـا في كل بـادٍ وحاضر

إلى خير من يمشي على الأرض كلها * وأفضلهـا عندَ اعتكـارِ الضرائر

أطعنـا رسـولَ اللهِ لمـا تقطـعت * بطـون الأعـادي بالظباء الخواطر

فنحن قبيـلٌ قـد بني المجد حولنـا * إذا اختليت في الحرب هام الأكابر

بنو الحربِ نفريهـا بأيـدٍ طويـلةٍ * وبيضٍ تـلألأُ في أكـفِّ المغـاور

ومن حولـه الأنصـار يحموا أميرهم * بسـمر العـوالي والسيوفِ البواتر

إذا الحرب دارت عند كـلِّ عظيمة * ودارت رحـاهـا بالليوث الهواصر

تبلـج منه اللـونُ وازدانَ وجـهه * كمثل ضيـاءِ البدرِ بينَ الزواهـر

وذكر ياسر بن سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه في خيل أو سرية وامرأته حامل، فولدت له مولوداً فحملته أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله، قد ولد هذا المولود وأبوه في الخيل، فسمه‏.‏ فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر يده عليه وقال‏:‏

‏"‏اللهم أكثر رجالهم وأقل أياماهم ولا تحوجهم ولا تر أحداً منهم خصاصة‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏سميه مسرعاً فقد أسرع في الإسلام‏"‏‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

13910- وعن عباس بن مرداس السلمي قال‏:‏

كان إسلام عباس بن مرداس أنه كان بغمرة في لقاح له نصف النهار، إذ طلعت له نعامة بيضاء مثل القطن عليها راكب عليه ثياب بيض مثل القطن، فقال‏:‏ يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء كعت أجراسها، وأن الحرب جرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي نزل بالبر والهدى لفي يوم الاثنين ليلة الثلاثاء صاحب الناقة‏.‏ قال‏:‏ فخرجت مرعوباً قد راعني ما رأيت وسمعت، حتى جئت وثناً لنا كان يدعى‏:‏ الضماد، وكنا نعبده ويكلم من جوفه فكنست ما حوله وتمسحت به وقبلته، فإذا صائح يصيح من جوفه‏:‏ يا عباس بن مرداس‏.‏

قل للقبـائلِ من سليمٍ كلها * هلك الضماد وفاز أهل المسجد

إن الذي جاءَ بالنبوةِ والهدى * بعد ابن مريم من قريـش مهتد

هلك الضماد وكان يعبد مرة * قبل الصـلاة علـى النبي محمد

قال‏:‏ فخرجت مرعوباً حتى جئت قومي، فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر، فخرجت في ثلاث مائة راكب من قومي من بني حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلنا المسجد، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم ثم قال‏:‏ ‏"‏يا عباس بن مرداس، كيف كان إسلامك‏؟‏‏"‏‏.‏ فقصصت عليه القصة فقال‏:‏ ‏"‏صدقت‏"‏‏.‏ فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ فأسلمت أنا وقومي‏.‏

رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن عبد العزيز الليثي، ضعفه الجمهور ووثقه سعيد بن منصور وقال‏:‏ كان مالك يرضاه، وبقية رجاله وثقوا‏.‏

13911- وعن مازن بن الغضوبة قال‏:‏ كنت أسدن صنماً يقال له‏:‏ بأحر بسمائل قرية بعمان فعبرنا ذات يوم وعنده عتيرة - وهي الذبيحة - فسمعت صوتاً من الصنم يقول‏:‏

يا مازنُ اسمعْ تسر * ظهر خير وبطن شر

بعث نبيٌّ منْ مضر * بديـن الله الأكـبر

فدع نحيتا من حجر * تسلم من حرِّ سقر

قال‏:‏ ففزعت من ذلك وقلت‏:‏ إن هذا لعجب‏.‏ ثم عبرت بعد أيام فسمعت صوتاً من الصنم يقول‏:‏

أقبـل إلـي أقبل * تسمع ما لا تجهل

هذا نبيٌّ مرْسـل * جـاء بحقٍّ منـزَل

آمن به كي تعدل * عن حر نار تشعل

وقودها بالجندل

فقلت‏:‏ إن هذا لعجب وإنه لخير يراد بي‏.‏ فبينا نحن كذلك قدم علينا رجل من الحجاز فقلنا‏:‏ ما الخبر وراءك‏؟‏ قال‏:‏ ظهر رجل يقول لمن أتاه‏:‏ ‏"‏أجيبوا داعي الله‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ هذا نبأ ما قد سمعت‏.‏ فسرت إلى الصنم فكسرته، وركبت راحلتي فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت‏:‏

كسرت ناجزاً جذاذاً وكان لنا * رباً نطيف به عميـا بطلالِ

بالهاشـمي هدينـا من ضلالته * ولم يكن دينه مني على بالِ

يا راكبـاً بلغن عمراً وإخوته * أني لمن قال‏:‏ ربي ناجز قالِ

يعني عمرو بن الصلت وإخوته بني خطامة‏.‏ قال مازن‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، إني امرؤ مولع بالطرب وشرب الخمر والهلوك - قال ابن الكلبي‏:‏ والهلوك الفاجرة من النساء - وألحت علينا السنون، فأذهبت الأموال وأهزلت الدراري، وليس لي ولد فادع الله أن يذهب عني ما أجد، ويأتيني بالحياء ويهب لي ولداً‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن، وبالحرام الحلال، وبالعهر عفة الفرج، وبالخمر رياً لا إثم فيه، وآتهم بالحيا، وهب له ولداً‏"‏‏.‏ قال مازن‏:‏ فأذهب الله عني ما كنت أجد وأتانا بالحيا وتعلمت القرآن وخصبت عمان وحججت حجاً ووهب الله لي حبار بن مازن، وأنشأ يقول‏:‏

إليـك رسـولَ الله خبـت مطيتي * تجوبُ الفيافيْ منْ عمانَ إلى العرج

لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى * فيغفـرَ ليْ ربـيْ فأرجعَ بالفـلج

إلى معشـرٍ خالفتُ في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي

وكنت امرأً بالرغبِ والخمرِ مولعاً * حيـاتي حتـى آذن الجسـم بالنهج

فبدلنـي بالخمـرِ خوفـاً وخشية * وبالعهر إحصـاناً فحصنَ لي فرجي

فلما أتيت قومي أنبوني وشتموني وأمروا شاعرهم فهجاني، فقلت‏:‏ إن رددت عليهم فإنما أهجو نفسي فاعتزلتهم إلى ساحل البحر وقلت‏:‏

بغـضـكم عندنـا مرمـداً فيـه * وبغضنـا عندكم يا قومنـا لين

لا نفطن الدهـر إن بثت معايبكم * وكلكـم حينَ يبدو عيبناْ فطن

شـاعرنا معجم عنكم وشـاعركم * في حربنـا مولع في شتمنا لسن

ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر * وفي صدوركم البغضـاءُ والإحن

فأتتني منهم أزفلة عظيمة فقالوا‏:‏ يا ابن عمنا عبنا عليك أمراً وكرهناه لك، فإن أبيت فشأنك ودينك، فارجع فقم بأمورنا‏.‏ وكنت القيم بأمورهم، فرجعت إليهم ثم هداهم الله بعد إلى الإسلام‏.‏

رواه الطبراني، من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وكلاهما متروك‏.‏

13912- وعن محمد بن كعب القرظي قال‏:‏ بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاعد في المسجد، إذ مر به رجل في مؤخر المسجد، فقال رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين، أتعرف هذا الجائي‏؟‏ قال‏:‏ لا، فمن هو‏؟‏ قال‏:‏ هذا سواد بن قارب وهو من أهل اليمن، له فيهم شرف وموضع، قد أتاه رأيه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال عمر‏:‏ علي به‏.‏ فدعا به فقال‏:‏ أنت سواد بن قارب‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ أنت

الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فأنت على ما كنت عليه من كهانتك‏؟‏ فغضب غضباً شديداً وقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت‏.‏ فقال عمر‏:‏ يا سبحان الله، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني رئيي فضربني برجله وقال‏:‏ قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول‏:‏

عجبت للجـن وتجسـاسـها * وشـدها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكـةَ تبغي الهدى * مـا خيَّرُ الجنِّ كأنجاسها

فارحل إلى الصفوةِ من هاشم * واسـمُ بعينيك إلى راسها

قال‏:‏ فلم أرفع بقوله رأساً وقلت‏:‏ دعني أنم فإني أمسيت ناعساً‏.‏ فلما كانت الليلة التالية، أتاني فضربني برجله وقال‏:‏ ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم وافهم واعقل إن كنت تعقل‏؟‏ إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ الجني يقول‏:‏

عجبت للجـنِّ وتطـلابهـا * وشـدها العيـس بأقتابهـا

تهـوي إلى مكة تبغي الهدى * ما صـادقُ الجنِّ ككذابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليـس قداماهـا كأذنابهـا

قال‏:‏ فلم أرفع لقوله رأساً، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله

وقال‏:‏ ألم أقل لك يا سواد بن قارب افهم واعقل إن كنت تعقل‏؟‏ إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته‏.‏ ثم أنشأ الجني يقول‏:‏

عجبت للجـن وأخبـارهـا * وشـدها العيسُ بأكوارهـا

تهـوي إلى مكة تبغي الهدى * مـا مؤمنُ الجنِّ ككفارهـا

فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيهـا وأحجـارهـا

فوقع في نفسي حب الإسلام ورغبت فيه، فلما أن أصبحت شددت على راحلتي فانطلقت متوجهاً إلى مكة، فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة، فأتيت المدينة فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لي‏:‏ في المسجد‏.‏ فانتهيت إلى المسجد فعقلت راحلتي، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس حوله قلت‏:‏ اسمع مقالتي يا رسول الله‏.‏ فقال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ ادنه، ادنه‏.‏ فلم يزل بي حتى صرت بين يديه فقال‏:‏ هات فأخبرني بإتيانك رئيك‏.‏ فقلت‏:‏

أتـاني نجيِّي بينَ هـدءٍ ورقـدة * ولم يك فيما قد بلوت بكـاذب

ثـلاث ليـالٍ كلهنَّ يقـول لي * أتـاك رسول من لؤي بن غالب

فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت * بي الذعلب الوجنـاء بين السباسب

فأشـهد أنَّ اللهَ لا ربَّ غيـره * وأنك مـأمون على كلِّ غـائب

وأنـك أدنى المرسـلينَ وسـيلـةً * إلى اللهِ يا ابنَ الأكرمين الأطايب

فمرنـا بمـا يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب

وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * سواك بمغن عن سـوادِ بن قارب

قال‏:‏ ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإسلامي فرحاً شديداً حتى رئي ذلك في وجوههم‏.‏

قال‏:‏ فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليه والتزمه وقال‏:‏ قد كنت أحب أن أسمع هذا منك‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

13913- وفي رواية عنده‏:‏ عن سواد بن قارب الأزدي قال‏:‏ كنت نائماً على جبل من جبال السراة فأتاني آت فضربني برجله وقال فيه‏:‏ أتيت مكة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر فأخبرته الخبر واتبعته‏.‏

وكلا الإسنادين ضعيف‏.‏

13914- وعن الحسن بن الزبير الأسدي قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم لابن عباس‏:‏ حدثني بحديث يعجبني‏.‏ فقال‏:‏ حدثني خريم بن فاتك الأسدي قال‏:‏ خرجت بغاء إبل لي فأصبتها بالأبرق، أبرق العزاف، فعقلتها وتوسدت ذراع بعير منها، وذلك حدثان خروج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قلت‏:‏ أعوذ بكبير هذا الوادي، أعوذ بعظيم هذا الوادي‏.‏ - قال‏:‏ وكذلك كانوا يصنعون في الجاهلية - فإذا هاتف يهتف ويقول‏:‏

ويحك عذ بالله ذي الجلال * منـزلِ الـحـرامِ والحـلال

ووحّـد اللـه ولا تبـال * ما هول ذي الجن من الأهوال

إذ يذكر اللهَ على الأميال * وفي سـهول الأرض والجبـال

وصار كيد الجن في سفال * إلا التقيُّ وصـالحُ الأعمـال

قال‏:‏ فقلت‏:‏

يا أيها الداعي ما تحيل * أرشد عندك أم تضليل

قال‏:‏

هذا رسول الله ذو الخيرات * جاء بياسينَ وحاميمات

وسـور بعـدُ مفصـلات * محـرمـات ومحلـلاتِ

يأمر بالصـومِ وبالصـلاةِ * ويزجر الناس عن الهنات

قد كـن في الأيـام منكرات

قال‏:‏ قلت‏:‏ من أنت يرحمك الله‏؟‏ قال‏:‏ أنا مالك، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن أهل نجد‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ لو كان لي من يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أؤمن به‏:‏ قال‏:‏ أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى أهلك سالمة إن شاء الله‏.‏ فاعتقلت بعيراً منها ثم أتيت المدينة، فوافقت الناس يوم الجمعة وهم في الصلاة، فقلت‏:‏ يقضون صلاتهم ثم أدخل‏.‏ قال‏:‏ فإني ‏[‏دائب‏]‏ أنيخ راحلتي إذ خرج إلي أبو ذر رحمه الله فقال لي‏:‏ يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ادخل‏"‏‏.‏ فدخلت، فلما رآني قال‏:‏ ‏"‏ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك‏؟‏ أما إنه قد أداها سالمة‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فقلت‏:‏ يرحمه الله‏.‏ قال‏:‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أجل رحمه الله‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13915- وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال خريم بن فاتك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ يا أمير المؤمنين، ألا أخبرك كيف كان بدء إسلامي‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ بينما أنا أطوف في طلب نعم لي، إذا أنا منها على أثر، إذ اجتن الليل بأبرق العزاف فقلت بأعلى صوتي‏:‏ أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه‏.‏ فإذا هاتف يهتف‏:‏

ويحك عذ بالله ذي الجلال * والمجد والنعماء والإفضال

واقترِ آيـات من الأنفـال * ووحِّـد الله ولا تبـال

قال‏:‏ فذعرت ذعراً شديداً، فلما رجعت إلى نفسي قلت‏:‏

يا أيها الهاتف ما تقول * أرشد عندك أم تضليل

بين لنا هديت ما الحويل

قال‏:‏

هذا رسولُ الله ذو الخيرات * بيثرب يدعو إلى النجاة

يـأمر بالصـوم وبالصـلاة * ويزع الناس عن الهنات

قال‏:‏ فانبعثت راحلتي فقلت‏:‏

أرشـدني رشـداً هُـديت * لا جـعــت ولا عــريـت

ولا برحت سعيداً ما بقيت * ولا تؤثرن علي الخير الذي أتيت

قال‏:‏ فاتبعني وهو يقول‏:‏

سلمك الله وسلم نفسكا * وبلغ الأهلَ وأدى رحلكا

آمن به أفلح ربي حقكا * وانصره أعز ربي نصركـا

قال‏:‏ فدخلت المدينة وذلك يوم الجمعة، فاطلعت في المسجد فخرج لي أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال‏:‏ ادخل رحمك الله، فقد بلغنا إسلامك‏.‏ فقلت‏:‏ لا أحسن الطهور‏.‏ فعلمني، فدخلت المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب كأنه البدر وهو يقول‏:‏

‏"‏ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يخففها ويعقلها إلا دخل الجنة‏"‏‏.‏ فقال لي عمر بن الخطاب‏:‏ لتأتين على هذا ببينة أو لأنكلن بك‏.‏ قال‏:‏ فشهد شيخ قريش عثمان بن عفان رضي الله عنه‏.‏ فأجاز شهادته‏.‏

رواه الطبراني، وفي إسناده ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏(‏كذا في الأصل‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ ويأتي باب أخبار الذئب والضب والظبية بنبوته في المعجزات إن شاء الله‏.‏

 باب عظم قدره صلى الله عليه وسلم

13916- عن عبد الله بن سعيد قال‏:‏ إن الله نظر إلى قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته‏.‏

وقد تقدم في باب الإجماع بتمامه‏.‏

رواه أحمد، والبزار، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله موثقون‏.‏

13917- وعن عمر بن الخطاب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لما أذنب آدم عليه السلام الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى العرش فقال‏:‏ أسألك بحق محمد إلا غفرت لي‏.‏ فأوحي الله إليه‏:‏ وما محمد‏؟‏ قال‏:‏ تبارك اسمك، لما

خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فرأيت فيه مكتوباً‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك‏.‏ فأوحى الله إليه‏:‏ يا آدم، إنه آخر النبيين من ذريتك وإن أمته آخر الأمم من ذريتك ولولا هو ما خلقتك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13918- وعن علي الهلالي قال‏:‏ دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانه الذي قبض فيه، فإذا فاطمة عند رأسه، قال‏:‏ فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال‏:‏ ‏"‏حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيك‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ أخشى الضيعة من بعدك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏يا حبيبتي، أما علمت أن الله اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فابتعثه برسالته، ثم اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى الله إلي أن أنكحك إياه، يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا‏:‏ أنا خاتم النبيين وأنا أكرم النبيين على الله وأنا أحب المخلوقين إلى الله وأنا أبوك‏"‏‏.‏ فذكر الحديث وهو بتمامه في فضل أهل البيت‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه الهيثم بن حبيب وقد اتهم بهذا الحديث‏.‏

13919- وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها‏:‏

‏"‏أما علمت أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار منهم أباك، فبعثه نبياً، ثم اطلع الثانية فاختار بعلك فأوحى الله إلي فأنكحته واتخذته وصياً‏"‏‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

13920- وله في الصغير عن أيوب أيضاً قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏نبينا خير الأنبياء‏"‏‏.‏

رواه بأسانيد وأحدها حسن‏.‏

13921- وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏سألت ربي مسألة فوددت أني لم أسأله، قلت‏:‏ يا رب، قد كانت قبلي رسل، منهم من سخرت له الرياح ومنهم من كان يحيي الموتى‏.‏ فقال‏:‏ ألم أجدك يتيماً فآويتك‏؟‏ ألم أجدك ضالاً فهديتك‏؟‏ ألم أجدك عائلاً فأغنيتك‏؟‏ ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ بلى يا رب‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط‏.‏

13922- وعن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏

‏"‏أتاني جبريل فقال‏:‏ إن ربي وربك يقول‏:‏ كيف رفعت ذكرك‏؟‏ قال‏:‏ الله أعلم‏.‏ قال‏:‏ إذا ذكرتُ ذكرتَ معي‏"‏‏.‏

رواه أبو يعلى وإسناده حسن‏.‏

13923- وعن عبد الله بن سلام قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي آدم فمن دونه‏"‏‏.‏

رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن عثمان الكلابي وثقه ابن حبان على ضعفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13924- وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏أنا قائد المرسلين ولا فخر وأنا خاتم النبيين ولا فخر وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه صالح بن عطاء بن خباب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13925- وعن عبد الله بن سلام قال‏:‏ إن أكرم خليقة الله يوم القيامة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم‏.‏ قالوا‏:‏ رحمك الله، الملائكة‏؟‏ فقال‏:‏ إن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم‏.‏

رواه الطبراني، وفيه يحيى بن طلحة اليربوعي وثقه ابن حبان وضعفه النسائي، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13926- وعنه قال‏:‏ والذي نفسي بيده، إن أقرب الناس يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم، جالس عن يمينه على الكرسي‏.‏

وفيه رجل لم يسم‏.‏

13927- وعن ابن عباس قال‏:‏ إن الله فضل محمداً على أهل السماء وعلى أهل الأرض‏.‏ فقال رجل‏:‏ يا أبا عباس وبما فضله على أهله السماء والأرض‏؟‏ قال‏:‏ إن الله عز وجل يقول لأهل السماء‏:‏ ‏{‏ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين‏}‏‏.‏ وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً

ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏}‏ فقيل له‏:‏ يا أبا عباس، فما فضله على الأنبياء‏؟‏ قال‏:‏ إن الله عز وجل قال‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه‏}‏ وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً‏}‏ فأرسله الله إلى الإنس والجن‏.‏

رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير الحكم بن أبان وهو ثقة‏.‏ ورواه أبو يعلى باختصار كثير‏.‏

13928- وعن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً وإن صاحبكم خليل الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم يوم القيامة - ثم قرأ - ‏{‏عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً‏}‏‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح منه‏:‏ ‏"‏وإن صاحبكم خليل الله‏"‏‏.‏ فقط في أثناء حديث‏.‏

رواه الطبراني، وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف‏.‏

13929- وعن أبي هريرة قال‏:‏ خيار ولد آدم خمسة‏:‏ نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم وصلى الله عليهم أجمعين وسلم‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب ما جاء في بعثته صلى الله عليه وسلم وعمومها ونزول الوحي

13930- عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة‏:‏

‏"‏إني أرى ضوءاً وأسمع صوتاً وأنا أخشى أن يكون

بي جن‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ لم يكن الله ليفعل ذلك بك يا ابن عبد الله‏.‏ ثم أتت ورقة بن نوفل فذكرت ذلك له فقال‏:‏ إن يكن صادقاً فإن هذا ناموس مثل ناموس موسى عليه السلام، وإن بعث وأنا حي فسأعززه وأنصره وأومن به‏.‏

رواه أحمد متصلاً ومرسلاً، والطبراني بنحوه وزاد‏:‏ وأعينه‏.‏ ورجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

13931- وعن أبي ذر قال‏:‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، كيف علمت أنك نبي‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏ما علمت ذلك حتى أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة فقال أحدهما‏:‏ أهو هو‏؟‏ قال‏:‏ زنه برجل‏.‏ ‏[‏فوزنت برجل‏]‏ فرجحته، قال‏:‏ فزنه بعشرة‏.‏ فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال‏:‏ زنه بمائة‏.‏ فوزنني بمائة فرجحتهم، ثم قال‏:‏ زنه بألف ‏[‏فوزنني بألف‏]‏ فرجحتهم، فقال أحدهما للآخر‏:‏ لو وزنته بأمته لرجحها‏.‏ ثم قال أحدهما لصاحبه‏:‏ شق بطنه‏.‏ فشق بطني ثم أخرج منه نقيز الشيطان وعلق الدم فطرحها، فقال أحدهما للآخر‏:‏ اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاء، ثم دعا بالسكينة كأنها رهرهة بيضاء، فأدخلت قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه‏:‏ خط بطنه‏.‏ فخاط بطني وجعلا الخاتم بين كتفي، فما هو إلا أن وليا عني كأنما أعاين الأمر معاينة‏"‏‏.‏ وزاد محمد بن معمر في حديثه‏:‏ ‏"‏فجعلوا ينتثرون علي من كفة الميزان‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ لأبي ذر حديث في الصحيح في الإسراء غير هذا‏.‏

رواه البزار، وفيه جعفر بن عبد الله بن عثمان بن كبير، وثقه أبو حاتم الرازي وابن حبان وتكلم فيه العقيلي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح‏.‏

13932- وعن أبي سعيد قال‏:‏ افتخر أهل الإبل وأهل الغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏بُعث موسى صلى الله عليه وسلم وهو يرعى غنماً ‏[‏على أهله‏]‏‏.‏ وبُعثت وأنا أرعى غنماً لأهلي بجياد‏"‏‏.‏

رواه أحمد والبزار، وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس‏.‏

13933- وعن ورقة الأنصاري قال‏:‏ قلت‏:‏ يا محمد، كيف يأتيك الذي يأتيك‏؟‏ يعني جبريل عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يأتيني من السماء جناحاه لؤلؤ وباطن قدميه أخضر‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف‏.‏

13934- وعن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ يا رسول الله، هل تحس بالوحي‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، أسمع صلصلة ثم أسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن‏.‏

13935- وعن خديجة قالت‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله يا ابن عم هل تستطيع إذا جاءك الذي يأتيك أن تخبرني به‏؟‏ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نعم يا خديجة‏"‏‏.‏ قالت خديجة‏:‏ فجاءه جبريل ذات يوم وأنا عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء‏"‏‏.‏ فقلت له‏:‏ قم فاجلس على فخذي الأيمن‏.‏ فقلت له‏:‏ هل تراه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏

فقلت له‏:‏ تحول فاجلس على فخذي الأيسر‏.‏ فجلس، فقلت له‏:‏ هل تراه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏ فقلت له‏:‏ تحول فاجلس في حجري‏.‏ فجلس، فقلت له‏:‏ تراه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏ قالت خديجة‏:‏ فتحسرت وطرحت خماري وقلت‏:‏ هل تراه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ هذا والله ملك كريم، والله ما هو شيطان‏.‏ قالت خديجة‏:‏ فقلت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذلك مما أخبرني به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ورقة‏:‏ حقاً يا خديجة حديثك‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن‏.‏

13936- وعن الحارث بن هشام قال‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف يأتيك‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏يأتيني صلصلة كصلصلة الجرس، ويأتي أحياناً في صورة رجل فيكلمني كلاماً، وهو أهون علي، فيفصم عني وقد وعيت‏"‏‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات‏.‏

13937- وعن عائشة قالت‏:‏ إن كان ليوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، فتضرب بجرانها‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13938- وعن زيد بن ثابت قال‏:‏ كنت أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا نزل عليه أخذته برحاء شديدة وعرق عرقاً شديداً مثل الجمان، ثم سري عنه، فكنت

أدخل بقطعة العسب أو كسره، فأكتب وهو يملي علي، فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن، حتى أقول‏:‏ لا أمشي على رجلي أبداً‏.‏ فإذا فرغت قال‏:‏ ‏"‏اقرأه‏"‏‏.‏ فأقرأه، فإن كان فيه سقط أقامه، ثم أخرج به إلى الناس‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات‏.‏

13939- وعن قيس بن مخرمة قال‏:‏ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وبين الفجار وبين الفيل عشرون سنة‏.‏ قال‏:‏ سموه الفجار لأنهم ‏[‏فجروا‏]‏ وأحلوا أشياء كانوا يحرمونها، وكان بين الفجار وبين بناء الكعبة خمس عشرة سنة وبين بناء الكعبة ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين‏.‏

قلت‏:‏ روى الترمذي منه المولود فقط‏.‏

رواه الطبراني، وفيه جعفر بن مهران السباك وقد وثق وفيه كلام، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13940- وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنما بعثت رحمة مهداة‏"‏‏.‏

رواه البزار، والطبراني في الصغير والأوسط، ورجال البزار رجال الصحيح‏.‏

13941- وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏"‏يأتيني جبريل على صورة دحية الكلبي‏"‏‏.‏

قال أنس‏:‏ وكان دحية رجلاً جميلاً أبيض‏.‏

رواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف‏.‏

13942- وعن ابن عباس قال‏:‏ سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام أن يراه في صورته، قال‏:‏ ادع ربك عز وجل‏.‏ فطلع عليه سواد من قبل المشرق‏.‏ قال‏:‏ فجعل يرتفع وينتشر، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم صعق، فأتاه فتغشاه وجعل يمسح البزاق عن شدقيه‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات‏.‏

13943- وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏رأيت جبريل منهبطاً قد ملأ ما بين السماء والأرض، عليه ثياب سندس معلقاً به اللؤلؤ والياقوت‏"‏‏.‏

رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط‏.‏

 باب عموم بعثته صلى الله عليه وسلم

13944- عن أبي موسى قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أعطيت خمساً‏:‏ بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض طهوراً ‏[‏ومسجداً‏]‏، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي، ونصرت بالرعب شهراً، وأعطيت الشفاعة وليس من نبي إلا وقد سأل شفاعة، وإني اختبأت شفاعتي ثم جعلتها لمن مات لا يشرك بالله شيئاً‏"‏‏.‏

رواه أحمد متصلاً ومرسلاً، والطبراني، ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13945- وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي، ولا أقولهن فخراً‏:‏ بعثت إلى الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي، فهي لمن مات لا يشرك بالله شيئاً‏"‏‏.‏

13946- وفي رواية‏:‏ ‏"‏فليس من أحمر ولا أسود يدخل في أمتي إلا كان منهم‏"‏‏.‏

رواه أحمد، والبزار، والطبراني بنحوه إلا أنه قال‏:‏ ‏"‏حتى إن العدو ليخافني من مسيرة شهر أو شهرين، وقيل لي‏:‏ سل تعطه فادخرت دعوتي شفاعة لأمتي‏"‏‏.‏

ورجال أحمد رجال الصحيح، غير يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث‏.‏

13947- وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي من الأنبياء‏:‏ جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، ولم يكن من الأنبياء ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏(‏كذا‏)‏ يصلي حتى يبلغ محرابه، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، يكون بين يدي إلى المشركين، فيقذف الله الرعب في قلوبهم، وكان النبي يبعث إلى خاصة قومه، وبعثت أنا إلى الجن والإنس، وكانت الأنبياء يعزلون الخمس فتجيء النار فتأكله، وأمرت أنا أن أقسمها في فقراء أمتي، ولم يبق نبي إلا أعطي شفاعة، وأخرت أنا شفاعتي لأمتي‏"‏‏.‏

رواه البزار وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13948- وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏أُعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي‏:‏ نصرت بالرعب، وأعطيت جوامع الكلم، وأحلت لي الغنائم‏"‏‏.‏ وذكر خصلتين ذهبتا عني‏.‏ قال‏:‏ وذكر الحديث‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدمت أحاديث في التيمم وبقيتها في الخصائص‏.‏

13949- وعن ابن عباس قال‏:‏ نُصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب على عدوه مسيرة شهرين‏.‏

رواه الطبراني، وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وهو ضعيف‏.‏

13950- وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي‏:‏ جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي، ونصرت بالرعب مسيرة شهر على عدوي، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأعطيت الشفاعة، وهي نائلة من أمتي من لا يشرك بالله شيئاً‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏من مات لا يشرك بالله شيئاً‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ عند أبي داود طرف منه‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏ قلت‏:‏ وقد تقدمت أحاديث في التيمم من نحو هذا‏.‏

13951- وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏فُضلت بأربع‏:‏ جعلت الأرض لأمتي مسجداً وطهوراً، وأرسلت إلى الناس كافة، ونصرت بالرعب من مسيرة شهر يسير بين يدي، وأحلت لأمتي الغنائم‏"‏‏.‏

13952 وفي رواية‏:‏ ‏"‏فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ روى الترمذي طرفاً منه‏.‏

رواه أحمد، والطبراني بنحوه إلا أنه قال‏:‏ ‏"‏وبُعثت إلى كل أبيض وأسود‏"‏‏.‏ ورجال أحمد ثقات‏.‏

13953- وعن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أُعطيت خمساً لم يعطها نبي قبلي‏:‏ بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود، وإنما كان كل نبي يبعث إلى قريته، ونصرت بالرعب، يرعب مني عدوي مسيرة شهر، وأعطيت المغنم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه إسماعيل بن يحيى بن كهيل وهو ضعيف‏.‏

13954- وعن السائب بن يزيد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏فُضلت على الأنبياء بخمس‏:‏ بعثت إلى الناس كافة، ودخرت شفاعتي لأمتي، ونصرت بالرعب شهراً أمامي وشهراً خلفي وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأُحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك‏.‏

 باب تسليم الحجر والشجر عليه صلى الله عليه وسلم

13955- عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لما أوحي إلي - أو نُبئت، أو كلمة نحوها - جعلت لا أمر بحجر ولا شجر إلا قال‏:‏ السلام عليك يا رسول الله‏"‏‏.‏

رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف‏.‏

13956- وعن علي قال‏:‏ خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يمر على حجر ولا شجر إلا سلم عليه‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، والتابعي أبو عمارة الحيواني لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب في مثله ومثل من أطاعه صلى الله عليه وسلم

13957- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه‏:‏ اضرب مثل هذا ومثل أمته‏.‏ فقال‏:‏ إن مثل هذا ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة، فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينا هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة، فقال‏:‏ أرأيتم إن وردت بكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء، أتتبعوني‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ فانطلق بهم فأوردهم رياضاً معشبة وحياضاً رواء، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم‏:‏ ألم ألقاكم على تلك الحال فجعلتم لي أن أوردكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء أن تتبعوني‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فإن بين أيديكم رياضاً هي أعشب من هذه وحياضاً أروى من هذه فاتبعوني‏.‏ قال‏:‏ فقامت طائفة قالت‏:‏ صدق والله، لنتبعنه‏.‏ وقالت طائفة‏:‏ قد رضينا بهذا نقيم عليه‏.‏

رواه أحمد والطبراني والبزار وإسناده حسن‏.‏

13958- وعن ربيعة الجرشي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتي فقيل له‏:‏ لتنم عينك، ولتسمع أذنك، وليعقل قلبك قال‏:‏ فنامت عيني، وسمعت أذني، وعقل قلبي، قال‏:‏ فقيل له‏:‏ سيد بنى داراً، وصنع مأدبة، وأرسل داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عليه السيد، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم ينل من المأدبة وسخط عليه السيد والسيد هو الله، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، والمأدبة الجنة‏.‏ قال‏:‏ وذكره‏.‏

رواه الطبراني بإسناد حسن‏.‏

13959- وعن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ استبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا وكذا فخط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة فقال‏:‏ ‏"‏كن بين ظهري هذه لا تخرج منها، فإنك إن خرجت منها هلكت‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فكنت فيها‏.‏ قال‏:‏ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم خذفة أو أبعد شيئاً - أو كما قال - ثم إنه ذكر هنيناً كأنهم الزط - قال ‏[‏عفان‏]‏‏:‏ أو كما قال عفان إن شاء الله - ليس عليهم ثياب ولا أرى سوءاتهم، طوالاً قليل لحمهم قال‏:‏ فأتوا فجعلوا يركبون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليهم قال‏:‏ وجعلوا يأتون فيخيلون ‏[‏أو يميلون‏]‏ حولي ويعترضون ‏[‏لي‏]‏‏.‏ قال عبد الله‏:‏ فأرعبت منهم رعباً شديداً‏.‏ قال‏:‏ فجلست

أو كما قال - فلما انشق عمود الصبح جعلوا يذهبون - أو كما قال - ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثقيلاً وجعاً أو يكاد أن يكون وجعاً مما ركبوه، قال‏:‏ ‏"‏إني أجدني ثقيلاً‏"‏‏.‏ - أو كما قال - ‏[‏فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجري - أو كما قال - ‏]‏ قال‏:‏ ثم إن هنيناً أتوا عليهم ثياب

بيض طوال - أو كما قال - وقد أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله‏:‏ فأرعبت أشد مما أرعبت في المرة الأولى‏.‏ قال عارم في حديثه‏:‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ لقد أُعطي هذا الرجل خيراً - أو كما قالوا - إن عينيه نائمتان أو قال‏:‏ عينه نائمة ثم قال بعضهم لبعض‏:‏ هلم فلنضرب له مثلاً - أو كما قالوا - قال بعضهم لبعض‏:‏ اضربوا لهم مثلاً ونؤول نحن أو نضرب نحن وتؤولون أنتم‏.‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ مثله كمثل سيد بنى بنياناً حصيناً، ثم أرسل إلى الناس بطعام - أو كما قال - فمن لم يأت طعامه - أو قال - لم يتبعه، عذب عذاباً شديداً - أو كما قالوا - قال الآخرون‏:‏ أما السيد فهو رب العالمين وأما البنيان فهو الإسلام، والطعام الجنة، وهو الداعي، فمن اتبعه كان في الجنة‏.‏ قال عارم في حديثه‏:‏ - أو كما قالوا - ومن لم يتبعه عذب - أو كما قال - ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ما رأيت يا ابن أم عبد‏؟‏‏"‏‏.‏ قال عبد الله‏:‏ رأيت كذا وكذا‏.‏ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما خفي علي شيء مما قالوا‏"‏‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏هم نفر من الملائكة - أو قال - هم من الملائكة أو كما شاء الله‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ رواه الترمذي باختصار‏.‏

رواه أحمد ورجاله ورجال الصحيح، غير عمرو البكالي، وذكره العجلي في ثقات التابعين وابن حبان وغيره في الصحابة‏.‏

 باب فيمن سمع به ولم يؤمن به صلى الله عليه وسلم

13960- عن أبي موسى قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في كتاب الله عز وجل فقرأت فوجدت ‏{‏ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده‏}‏‏.‏

13961- وفي رواية‏:‏ ‏"‏فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني واللفظ له، وأحمد بنحوه في الروايتين، ورجال أحمد رجال الصحيح، والبزار أيضاً باختصار‏.‏

13962- وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ‏[‏ومات‏]‏ ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ هو في الصحيح ولفظه‏:‏ ‏"‏لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني‏"‏‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم على من أدركه

13963- عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب وقال‏:‏

‏"‏أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب‏؟‏ والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني‏"‏‏.‏

رواه أحمد وقد تقدم هذا وغيره في العلم‏.‏

 باب تبلغ بعثته صلى الله عليه وسلم كل أحد

13964- عن تميم الداري قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ليبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله

هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الإسلام ويذل الله به الكفر‏"‏‏.‏

وكان تميم الداري يقول‏:‏ قد عرفت ذلك في أهل بيتي، قد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذل والصغار والجزية‏.‏

رواه أحمد وغيره وقد تقدم في الجهاد والمغازي‏.‏

13965- وعن أبي ثعلبة الخشني قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنى بفاطمة ثم تلقى أزواجه، فقدم من سفر فصلى في المسجد ركعتين ثم أتى فاطمة، فتلقته على باب البيت فجعلت تلثم فاه وعينيه وتبكي، فقال‏:‏ ‏"‏ما يبكيك‏؟‏‏"‏ فقالت‏:‏ أراك شعثاً نصباً قد اخلولقت ثيابك‏.‏ فقال لها‏:‏ ‏"‏لا تبكي فإن الله عز وجل بعث أباك بأمر لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا حجر ولا وبر ولا شعر إلا أدخل الله به عزاً أو ذلاً حتى يبلغ حيث بلغ الليل‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه يزيد بن سنان أبو فروة وهو مقارب الحديث مع ضعف كثير‏.‏

 باب قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنا مبلغ والله يهدي‏"‏

13966- عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إنما أنا مبلغ والله يهدي‏"‏‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن‏.‏

 باب لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم‏.‏

13967- عن أبي أمامة الباهلي قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته تمام حجة الوداع‏:‏

‏"‏أيها الناس إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم‏"‏‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني، ورجال أحد الطريقين ثقات وفي بعضهم ضعف‏.‏

 باب فيما أوتي من العلم صلى الله عليه وسلم

13968- عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس‏:‏ ‏{‏إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير‏}‏‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ لابن عمر في الصحيح‏:‏ ‏"‏مفاتيح الغيب خمس‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

13969- وعن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال‏:‏ أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم مفاتيح كل شيء غير الخمس‏:‏ ‏{‏إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير‏}‏‏.‏

رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح‏.‏

13970- وعن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أوتيت فواتح الكلم وخواتمه‏"‏‏.‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، علمنا مما علمك الله‏.‏ فعلمنا ‏[‏التشهد‏]‏‏.‏

رواه أبو يعلى، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف‏.‏

13971- وعن أبي ذر قال‏:‏ لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علماً‏.‏

رواه أحمد، والطبراني وزاد‏:‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُين لكم‏"‏‏.‏ ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة، وفي إسناد أحمد من لم يسم‏.‏

13972- وعن المغيرة بن شعبة أنه قال‏:‏ قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً خبرنا بما يكون في أمته إلى يوم القيامة، وعاه من وعاه ونسيه من نسيه‏.‏

رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير عمر بن إبراهيم بن محمد وقد وثقه ابن حبان‏.‏

13973- وعن أبي الدرداء قال‏:‏ لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في السماء طائر يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علماً‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13974- وعن عمرو بن العاص قال‏:‏ عقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل‏.‏

رواه أحمد وإسناده حسن‏.‏

13975- وعن عمران بن حصين قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل، لا يقوم إلا إلى عظم صلاة‏.‏

13976- وفي رواية‏:‏ يعني‏:‏ الفريضة المكتوبة‏.‏

رواه أحمد وإسناده حسن‏.‏